خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير بتاريخ 10 سبتمبر 2021م : قيمة الاحترام
خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م : قيمة الاحترام ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ: 3 صفر 1443هـ – 10 سبتمبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : قيمة الاحترام :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير: قيمة الاحترام ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : قيمة الاحترام ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : قيمة الاحترام : كما يلي:
أولًا: منزلةُُ الاحترامِ في الإسلام
ثانيًا: قيمةُ الاحترامِ صورٌ ومجالاتٌ
ثالثًا: دعوةٌ وعودةٌ إلى قيمةِ الاحترامِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 سبتمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : قيمة الاحترام : كما يلي:
الحمدُ لله نحمدُه ونستعينُه ونتوبُ إليه ونستغفرُه ونؤمنُ به ونتوكلُ عليه ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالٍنا؛ ونشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له وأن محمدًا عبدُه ورسولُه؛ صلى اللهُ عليه وسلمَ. أما بعدُ:
أولًا: منزلةُ الاحترامِ في الإسلامِ
لقد خلقَ اللهُ النفسَ الإنسانيةً وجعلَها رمزًا للتكريمِ والتوقيرِ والاحترامِ فقال تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } [الإسراء: 70].
والاحترامُ كلمةٌ تضمُّ مجموعةً من المشاعرِ الإيجابيةِ المتمثلةُ في الحبِّ والعنايةِ والتقديرِ، وهي صفةٌ إنسانيةٌ جليلةٌ تحملُ في طياتِها معاني أخرى من الشموخِ والرفعةِ والعزةِ، والاحترامُ عكسُ الازدراءِ أي الاحتقار، وقد ظهرتْ هذه القيمةُ في العديدِ من المواقفِ كما جاء في القرآنِ والسنةِ .
فقد أنزلَ اللهُ قرآنًا يُتلى في شأنِ الخَيِّرينِ أبي بكرٍ وعمرَ رضي اللهُ عنهما؛ لما ارتفعتْ أصواتُهما في المسجدِ بحضرةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم؛ فعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ قَالَ نَافِعٌ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي، قَالَ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ }(متفق عليه)، ” فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا تَكَلَّمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُسْمِعْ كَلَامَهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ “. (الترمذي) لشدةِ خفضِ صوتِهِ احترامًا وتوقيرًا وتقديرًا .
إنَّ حبَّ وتوقيرَ واحترامَ الصحابةِ للنبي صلى اللهُ عليه وسلم أثارَ دهشةَ عروة بن مسعودٍ الثقفيِّ وجعلَهُ يتعجبُ من الحبِ والإجلالِ والتعظيمِ والاحترامِ من الصحابةِ للنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حينما بعثَتْهُ قريشٌ ليتفاوضْ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في صلحِ الحديبية، ” فجَعَلَ عُرْوَةُ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْهِ قَالَ: فَوَ اللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ؛ وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا”(البخاري). وهذا الاحترامُ كان سببًا في إسلامِهِ وماتَ شهيدًا !
وهكذا خرَّجتْ مدرسةُ النبيِ محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – جيلًا نشأَ على الحبِّ والاحترامِ والتقديرِ .
ثانيًا: قيمةُ الاحترامِ صورٌ ومجالاتٌ
للاحترامِ صورٌ ومجالاتٌ عديدةْ تشملُ جميعَ فئاتِ المجتمعِ مسلمينَ وغيرَ مسلمين ؛ ومن ذلك :
احترامُ الكبيرِ: فقد أمرنَا الإسلامُ باحترامِ الكبيرِ وتوقيرِه . قال صلى الله عليه وسلم: ” لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا” [أحمد والترمذي والحاكم وصححه]..أي ليس من أخلاقِنَا وهديِنَا وطريقتِنَا .
وقد غرسَ النبيُ صلى الله عليه وسلم هذه القيمةَ النبيلةَ في نفوسِ صحابَتِه الكرام؛ قال أبو مسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه : كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلَاةِ، ويقولُ: اسْتَوُوا، ولَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنكُم أُولو الأحْلَامِ والنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قالَ أبو مَسْعُودٍ: فأنْتُمُ اليومَ أشَدُّ اخْتِلَافًا “. ( مسلم ). وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: ” لقَدْ كُنْتُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غُلَامًا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عنْه، فَما يَمْنَعُنِي مِنَ القَوْلِ إلَّا أنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي ” . ( مسلم ) . وعَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، فَصِرْنَا إِلَى مَضِيقٍ فَتَقَدَّمَنِي ثُمَّ قَالَ لِي” لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْبَرُ مِنِّي بِيَوْمٍ مَا تَقَدَّمْتُكَ “(الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْجَامِعِ). وعَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وَسَلَّمَ :” أَخْبِرُونِي بشَجَرَةٍ مَثَلُها مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بإذْنِ رَبِّها، ولا تَحُتُّ ورَقَها, فَوَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وثَمَّ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّما، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هي النَّخْلَةُ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مع أبِي قُلتُ: يا أبَتاهُ، وقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، قالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَقُولَها، لو كُنْتَ قُلْتَها كانَ أحَبَّ إلَيَّ مِن كَذا وكَذا، قالَ: ما مَنَعَنِي إلَّا أنِّي لَمْ أرَكَ ولا أبا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُما فَكَرِهْتُ”.(البخاري). يقولُ الإمامُ ابنٌ حجرٍ رحمه الله: “وَقَعَ في نفْسِ ابنِ عُمَرَ أنَّها النَّخلةُ، ولكنَّه استَحْيا أنْ يَذكُرَ ما في نفْسِه تَوقيرًا لأكابرِ الصَّحابةِ الحاضِرينَ الذين لم يَعرِفوها”. (فتح الباري).
ومنها: احترامُ الصغيرِ : وذلك بتوقيرِه وتقديرِه والقيامِ له تأسيًا بالنبيِ صلى الله عليه وسلم. فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: ما رأَيْتُ أحَدًا أشبَهَ سَمْتًا ودَلًّا وهَدْيًا برسولِ اللهِ في قيامِها وقعودِها مِن فاطِمةَ بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالَتْ: وكانَتْ إذا دخلَتْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام إليها فقبَّلَها وأجلَسَها في مجلِسِه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخَلَ عليها قامَتْ مِن مجلِسِها فقبَّلَتْه وأجلَسَتْه في مجلِسِها . ( الترمذي) . هذا هو الهديُ النبويُ في احترامِ الأطفالِ. ومن المؤكدِ أنَّ احترامَ وتقديرَ الصغارِ يدلُّ على الحرصِ على مشاعرِهم ، بالإضافةِ لزيادةِ شعورِهم بالثقةِ بأنفسِهم، وبناءِ معاني الرجولةِ فيهم.
ومنها: احترامُ الذاتِ: وذلك بأن لا يُقحمها العبدُ في الذنوبِ والمعاصيِ والسيئاتٍ، وكما قيل: احترمْ نفسَكَ أو احترم ذاتَكَ؛ وفي ذلك يقولٌ صلى الله عليه وسلم: ” لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ” (الترمذي) .
ومنها: احترامُ الوالدين: فقد أكّدَ الإسلامُ على ضرورةِ احترامِ الوالدين والإحسانِ إليهما والاعتناءِ بهما. قال تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.[الإسراء: 23-24]. ولنا القدوةُ في سلفِنَا الصالحِ – رضي الله عنهم – في توقيرٍ واحترامِ الوالدين؛ فهذا عليٌ بن الحسن: لا يأكل مع والديه فقيلَ له في ذلك؟! فقال: لأنه ربما يكونُ بين يدي لقمةٌ أطيبُ مما يكونٌ بين أيديهِما وهما يتمنيان ذلك , فإذا أكلتٌ بخستُ بحقهِما!!
ومنها: احترامُ المرأةِ، فقد جاء الإسلامُ لدحضِ كلِّ الأفكارِ التي كانت شائعةً عن المرأةِ؛ وكرّمَها وأعطَاها حقوقَها في الميراثِ والاحترامِ؛ كما قال عمرُ بن الخطابِ رضي الله عنه:” واللهِ إنا كنا في جاهليةٍ ما نُعيرُ للنساءِ أمرًا حتى أنزلَ اللهُ فيهن ما أنزل، وقسمَ لهن ما قسم “. فقد كرَّمَ الإسلامُ المرأةَ، وأكَّدَ وجوبَ احترامِها، وجعلَ لها ما للرجلَ وعليها ما عليه، لأنهما فرعانِ من شجرةٍ واحدةٍ، متساويانِ في أصلِ النشأةِ، وفي الخصائصِ الإنسانيةِ العامةِ، وقال صلى الله عليه وسلم :”إنمَا النساءُ شقائقُ الرجالِ”.(أحمد وأبو داوود).
ومنها: احترامُ العلماءِ: فقد رفعَ الإسلامُ قدرَهم وأمرَ باحترامِهم وتقديرِهم. قال تعالى: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11) . وفي ذلك يقولُ أميرُ الشعراءِ أحمد شوقي :
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا ……….. كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي ………….يَبني وَيُنشِئُ أَنفُسًا وَعُقولا
ومنها: احترامُ غير المسلمين: وذلك من خلالِ احترامِ إنسانيتِهم وآدميتِهم، وكذلك احترامِ دينِهم وعدمِ الاعتداءِ عليهم ولا على معابدِهم، ولا على أعراضِهم. ومن أبرزِ صورِ الاحترامِ لغيرِ المسلمين مخاطبةُ النبيِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- لملكِ الرومِ حين أرسلَ إليه رسالةً يدعُوه بها إلى الدينِ الإسلاميّ تبدأُ بقوله: (من محمدٍ رسولِ الله إلى هرقل عظيمِ الروم)، فقد حرصَ نبيُنا الكريمُ على إنزالِ الناسِ منازلَهم واحترامِهم وتقديرِهم . يقول ابنُ حجرٍ: ” لم يُخله من إكرام لمصلحة التألّف”؛ وكثيرًا ما يحتاجُ المسلمونَ للتعاملِ بالاحترامِ والتوقيرِ لمصلحةِ وحدةِ الصفِ وتوفيرِ الجهودِ وتأليفِ القلوبِ، وإزالةِ الدخنِ، وإغاظةِ العدوِ…وبقدرِ ما يحترمُ بعضُنا بعضاً نكونُ في نظرِ الناسَ محترمين. ولقد كان صلى اللهُ عليه وسلم مثالًا حيًّا في احترامِ غيرِ المسلمين أحياءً وأمواتًا ؛ فقد زارَ الغلامَ اليهوديَّ في مرضهِ فكان ذلك سببًا في إسلامِه. فقال صلى الله عليه وسلم : «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْقَذَهُ بِى مِنَ النَّارِ»[سنن أبي داود]. وفي مجالِ تكريمهِ للأمواتِ منهم قيامهِ لجنازةِ اليهوديِّ ,” فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا ؟!” . (متفق عليه).
ثالثًا: دعوةٌ وعودةٌ إلى قيمةِ الاحترامِ
أيها الإخوةُ المؤمنون: إنّ مَن ينظر إلى جيلِ آبائِنا وأجدادِنا المنصرمِ؛ يجدْ أنّ قيمةَ الاحترامِ كانت قد بلغتْ ذروتهَا؛ فكان الواحدُ منهم حينما يسلمُ على أبيهِ أو جدهِ أو عمهِ أو خالهِ أو أحدٍ أكبرَ منه من أقاربهِ وذوي رحمهِ؛ يقبلُ يدَه واضعًا جبهتَه عليها احترامًا وتقديرًا ؛ كان الواحدُ يقابلُ معلمَه في الطريقِ فيخالفُ الطريقَ من هيبةِ المعلمِ وتوقيرِه واحترامِه؛ واليوم بدأتْ هذه المعاني في الانسلاخِ والانصرامِ؛ بسببِ ما يتشبعَه الشبابُ والفتياتُ من أفكارٍ وتقليدٍ أعمى؛ تحت ستارِ الحريةِ والتحضرِ وإثباتِ الذاتِ والشخصيةِ؛ أصبح الشابُ يسلمُ على أبيهِ وجدهِ بأناملَ أصابعِه كأنه يخافُ من العدوىَ والفيروسِ؛ أصبح الطالبُ يعاملُ معلمَه معاملةَ الأصحابِ والخلانِ ؛ فعلينا أن نسعى جاهدين إلى عودةِ غرسِ هذه القيمةِ الإنسانيةِ الرفيعةِ في نفوسِ الشبابِ والفتياتِ ؛ علينا أن نغرسً فيهم هديَ النبيِ صلى الله عليه وسلم في الاحترامِ والتقديرِ ؛ فهذا أعرابيٌ قام فَبَالَ في المسجدِ، فَهَمّ الصحابةُ يتناولونَه، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ”. ( البخاري). وها هو معاويةُ بن الحكمِ السلمي، يقول: بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: “إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ” (مسلم) .
وعن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ” فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.” ( البخاري ).
فعليكُم بالاحترامِ والتوقيرِ لكلِّ أفرادِ المجتمعِ؛ ولنكنْ قدوةً لغيرِنا في المُثلِ والأخلاقِ؛ ولذلك ضُرِبَ بالأحنفِ بن قيسٍ المَثلَ في الحلمِ والصفحِ والاحترامِ وحسنِ الخلقِ ، فقِيلَ له: كيف وصلْتَ إلى هذه المنزلةِ؟ فقال: ما آذانيِ أحدٌ إلا أخذتُ في أمرَه بإحدى ثلاث : إنْ كان فوقيِ عرفتُ له فضلَه، وإنْ كان مثلِي تفضّلتْ عليه، وإنْ كان دونيِ أكرمتُ نفسيِ عنه.
وهكذا بالاحترامِ المتبادلِ والتقديرِ يسودُ الودُ والحبُّ والصفاءُ بين أفرادِ المجتمعِ .
نسأل الله كما حسَّن خلقنَا أن يحسنَ أخلاقنَا ؛ وأن يجعلنَا من أهلِ التقدير والاحترام ؛؛؛
الدعاء،،،، وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف